المادة    
قال أبو جعفر الطّّحاويّ:
[والحوض -الذي أكرمه الله تَعَالَى به غِيَاثاً لأمته- حق]
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[الأحاديث الواردة في ذكر الحوض تَبْلُغُ حَدَّ التواتُرِ، رواها من الصحابة بِضْعٌ وثلاثونَ صحابياً، رضي الله عنهم، ولقد استقصى طرقها شيخنا الشيخ عِمَادُ الدين ابن كثير -تغمده الله برحمته- في آخر تاريخه الكبير المسمى بـالبداية والنهاية.
فمنها: ما رواه البُخَارِيّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إن قدر حوضي كما بين أيلة إِلَى صنعاء من اليمن وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء}.
وعنه أيضاً عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: أصيحابي، فَيَقُولُ: لا تدري ما أحدثوا بعدك} ورواه مسلم.
وروى الإمامُ أَحْمَد عن أنس بن مالك-رضي الله عنه- قَالَ: {أغفى رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إغفاءةً فرفع رأسه متبسماً إما قال لهم وإما قالوا له:لم ضحكت؟ فَقَالَ رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه نزلت عليّ آنفاً سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)) [الكوثر:1] حتى ختمها، ثُمَّ قَالَ: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قَالَ: هو نهر أعطانيه ربي -عَزَّ وَجَلَّ- في الجنة، عليه خير كثير، ترد عليه أمتي يَوْمَ القِيَامَةِ، آنيته عدد الكواكب يُخْتَلجُ العبد منهم، فأقول: يارب إنه من أمتي، فيُقَالُ: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك}.
ورواه مسلم، ولفظه {فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يَوْمَ القِيَامَةِ} والباقي مثله. ومعنى ذلك أنه يَشْخُبُ فيه مِيزَابَانِ من ذلك الكوثر إِلَى الحوض] إهـ.

الشرح:
هذا الموضوع هو أحد أمور الغيب التي صح بها الخبر وثبتت عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأحاديث كثيرة، وهذا مما يجب الإيمان به، فيجب أن نؤمن بالحوض، وبالصراط وبالميزان، وبجميع ما أخبر الله به ورسوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمور الغيب، والمراد إثبات هذه العقيدة، والرد عَلَى من خالف فيها وإبطال شبههم، وقوله: (والحوض الذي أكرمه الله تَعَالَى به غياثاً لأمته حق)، والضمير في (أكرمه) يعود إِلَى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابتدأ المُصنِّفُ ببيان الأحاديث الواردة في الحوض وأنها تبلغ حد التواتر.